تقنية الاستشعار الذكية التي ستساعد المزارعين على استخدام الأسمدة بكفاءة أكبر وتقليل الأضرار البيئية.
يمكن لهذه التقنية، الموصوفة في مجلة "الأغذية الطبيعية"، أن تساعد المزارعين على تحديد أفضل وقت لإضافة الأسمدة إلى المحاصيل وكميتها اللازمة، مع مراعاة عوامل مثل حالة الطقس والتربة. سيقلل هذا من الإفراط في تسميد التربة، وهو أمر مكلف ومضر بالبيئة، إذ يُطلق غاز أكسيد النيتروز المسبب للاحتباس الحراري، ويُلوث التربة والمجاري المائية.
اليوم، أدى الإفراط في التسميد إلى جعل 12% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم غير صالحة للاستخدام، كما زاد استخدام الأسمدة النيتروجينية بنسبة 600% على مدى السنوات الخمسين الماضية.
ومع ذلك، فمن الصعب على منتجي المحاصيل تنظيم استخدامهم للأسمدة بدقة: فإذا أفرطوا في استخدامها فإنها تخاطر بإلحاق الضرر بالبيئة، وإذا أنفقوا أقل مما ينبغي فإنها تخاطر بانخفاض العائدات؛
ويقول الباحثون في تكنولوجيا الاستشعار الجديدة إنها قد تكون مفيدة للبيئة والمنتجين.
يقيس هذا المستشعر، وهو مستشعر غاز كهربائي ورقي مُفعّل كيميائيًا (chemPEGS)، كمية الأمونيوم في التربة، وهو مركب تُحوّله بكتيريا التربة إلى نتريت ونترات. يستخدم هذا المستشعر نوعًا من الذكاء الاصطناعي يُسمى التعلم الآلي، ويجمعه مع بيانات الطقس، والوقت منذ إضافة الأسمدة، وقياسات درجة حموضة التربة وموصليتها. ويستخدم هذه البيانات للتنبؤ بمحتوى النيتروجين الكلي في التربة الآن، ومحتوى النيتروجين الكلي بعد 12 يومًا، لتحديد أفضل وقت لإضافة الأسمدة.
تُظهر الدراسة كيف يُمكن لهذا الحل الجديد منخفض التكلفة أن يُساعد المُنتجين على تحقيق أقصى استفادة من أقل كمية من الأسمدة، خاصةً للمحاصيل كثيفة الأسمدة مثل القمح. يُمكن لهذه التقنية أن تُقلل في الوقت نفسه من تكاليف المُنتجين والأضرار البيئية الناجمة عن الأسمدة النيتروجينية، وهي أكثر أنواع الأسمدة استخدامًا.
قال الباحث الرئيسي الدكتور ماكس جرير، من قسم الهندسة الحيوية في إمبريال كوليدج لندن: "لا يمكن المبالغة في تقدير مشكلة الإفراط في التسميد، من منظور بيئي واقتصادي. فالإنتاجية والدخل المرتبط بها يتراجعان عامًا بعد عام هذا العام، ولا يمتلك المصنعون حاليًا الأدوات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة.
يمكن لتقنيتنا أن تُسهم في حل هذه المشكلة من خلال مساعدة المزارعين على فهم مستويات الأمونيا والنترات الحالية في التربة، والتنبؤ بمستوياتها المستقبلية بناءً على الظروف الجوية. وهذا يُمكّنهم من ضبط استخدام الأسمدة بما يتناسب مع احتياجات تربتهم ومحاصيلهم.
يُطلق فائض الأسمدة النيتروجينية أكسيد النيتروز في الهواء، وهو غاز دفيئة أقوى بثلاثمائة مرة من ثاني أكسيد الكربون، ويُسهم في أزمة المناخ. كما يُمكن أن تجرف مياه الأمطار فائض الأسمدة إلى المجاري المائية، مما يحرم الحياة المائية من الأكسجين، ويؤدي إلى ازدهار الطحالب، ويُقلل من التنوع البيولوجي.
ومع ذلك، لا يزال ضبط مستويات الأسمدة بدقة لتناسب احتياجات التربة والمحاصيل تحديًا. فاختبار النيتروجين نادر، والطرق الحالية لقياس نيتروجين التربة تتضمن إرسال عينات من التربة إلى المختبر، وهي عملية طويلة ومكلفة، ونتائجها محدودة الفائدة عند وصولها إلى المزارعين.
قال الدكتور فرات غودر، المؤلف الرئيسي والباحث الرئيسي في قسم الهندسة الحيوية في إمبريال كوليدج: "معظم غذائنا يأتي من التربة، وهي مورد غير متجدد، وإذا لم نحمِها فسنفقدها. ومرة أخرى، يُشكّل تلوث النيتروجين الناتج عن الزراعة، إلى جانب التلوث الزراعي، معضلةً لكوكب الأرض، نأمل في حلها من خلال الزراعة الدقيقة، والتي نأمل أن تُسهم في الحد من الإفراط في التسميد مع زيادة غلة المحاصيل وأرباح المزارعين".
وقت النشر: ٢٠ مايو ٢٠٢٤